إن حاجة الطفل إلى رفاق من سنه يتفاعل معهم ويشترك في ألعابهم اشتراكًا فعليًا لا تظ...هر عادة إلا في نهاية السنة الرابعة أو أوائل الخامسة.
أما قبل ذلك فإن الطفل يجب أن يلعب وحده، أو أن يلاعبه الكبار، وفي منتصف الرابعة يبدأ ميله نحو غيره من الرفاق في الظهور، إذ يشرع في اللعب وسط جماعة من الأطفال ولكن يلعب معهم بمعنى أنه يشترك في التواجد معهم في مكان واحد أو في حجرة واحدة، ولكن يكون لكل منهم لعبته الخاصة به التي لا يحب أن يشترك معه طفل آخر فيها.
وذلك لأن الطفل في هذه السن لا يزال أنانيًا متمركزًا حول نفسه وذاته.
ومعنى ذلك أن ميوله الاجتماعية لا زالت كامنة تتهيأ للانطلاق مع النضج والنمو، ومثل هذه الجماعة من الرفاق تكون مهددة بالتفكك في أي وقت لأتفه الأسباب وأبسطها.
أما في سن الخامسة وما بعدها فإنه يبدي حاجة كبيرة إلى مشاركة الآخرين في لعبهم إلى جانب ميله إلى اللعب الفردي أحيانًا.
وفي فترة الانتقال هذه من الفردية إلى الاجتماعية يكون إشباع الحاجة إلى الرفاق تدريجيًا بمعنى أن يبدأ الطفل باللعب مع طفل أو طفلين، وتحت رقابة وإرشاد يوجهانه إلى مبادئ التعاون الصحيحة.
ثم تتسع دائرة الرفاق كلما نما الطفل وتقدم في العمر من سنة إلى أخرى.
فوائد الرفقة والاختلاط مع الأطفال:
إن للرفقة أثر بالغ الأهمية في نمو الطفل الاجتماعي والخلقي إذ أنه يتعلم الأخذ والعطاء كما يتعلم أن يكيف نفسه مع الآخرين فإذا اعتدى على غيره اعتدى الغير عليه، وإذا أراد لعبة رفيقه فلا أن يتنازل له عن لعبته بالمثل في مناسبة قريبة، وهكذا يكتسب كثيرًا من الخبرات الضرورية لتعويده التحمل والصلابة وعدم الأنانية.
كما أن الصداقة بين الأطفال الذين هم في سن واحدة تعود عليهم جميعًا بالنفع في هذه السن المبكرة من بث روح التعاون والعطاء وإحساسهم أنهم جميعًا روح واحدة وفريق واحد.
ومصاحبة الأطفال لمن يختلفون عنهم سنًا لا تخلو من فائدة كذلك.
فالطفل الذي يقضي وقته مع أطفال أقل منه سنًا ينمو عنده الإحساس بحمايتهم، والطفل الذي يعلب بين وقت وآخر مع أطفال أكبر منه سنًا يتعلم منهك كثيرًا عن طريق التقليد والمشاهدة. ومع ذلك فإن درأ الطفل على اللعب مع من هم أكبر منه فإنه سيكون دائمًا تابعًا، وغالبًا ما يقاس من الكبت.
ومن الناحية المضادة إذا اعتاد طفل مصاحبة من هم أصغر منه سنًا فإنه سيملي عليهم إرادته باستمرار، وذلك أمر غير مرغوب فيه في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته، إذ يحتمل أن يعوده ذلك على أن تقوم علاقته دائمًا بغيره على أساس أنه القائد دون بذل مجهود فعلي وذي بال من ناحيته.
ومن الصعب حقًا في كثير من الأحيان أن نجد الصحبة المناسبة ومجموعة الأطفال المتقاربة في السن والعقلية والقدرات التي يمكن أن يتوافق معها الطفل في لعبه.
وهنا يبرز دور الحضانة أو المدرسة.
ففي الحضانة أو المدرسة يتعرف الطفل بمجموعة معينة من الأطفال تستمر العلاقة بينهم ولا تقتصر فقط على اللعب معًا بل تتعداها إلى التفاعل المتواصل والتعايش معًا طوال التواجد معًا في فترة النهار بدار الحضانة، ومن أجل هذا يستفيد الأطفال من وجودهم معًا في دور الحضانة أكثر من وجودهم في مجموعات الأقران الذين يتعرفون عليهم قدرا في الحدائق العامة مثلاً .. والذين يتغيرون من يوم إلى آخر